تشهد مدينة القيروان انطلاقة نوعية في مجال التحول الطاقي بفضل مشروع بيئي يحمل عنوان «نحو مدينة مستدامة من خلال كفاءة الطاقة»تنفّذه بلدية القيروان بالشراكة مع وزارة البيئة وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD) ومرفق البيئة العالمي (GEF)، في إطار الجهود الوطنية للحد من الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الحياة الحضرية.
مشروع نموذجي لتعزيز الإنارة العمومية الذكية
يهدف المشروع إلى تحويل القيروان إلى مدينة أكثر كفاءة واستدامة من خلال تحديث منظومة الإنارة العمومية واستبدال المصابيح القديمة بأخرى من نوع LED ذات استهلاك منخفض للطاقة.
وتسعى المبادرة إلى تقليص استهلاك الكهرباء بنسبة 57% وخفض الانبعاثات الكربونية بشكل ملموس، بما ينسجم مع التوجهات الوطنية للتنمية المستدامة ومع أهداف المناخ العالمية.
كما يطمح المشروع إلى تعزيز القدرات المحلية للإطارات البلدية والمهندسين في مجال إدارة الطاقة، وإرساء استراتيجية بلدية طويلة المدى لتبني الحلول الخضراء في البنية التحتية.
و في هذا السياق صرح لطفي العبيدي المدير الجهوي للبيئة بالقيروان “‘أن جهة القيروان من أكثر المناطق ذات الحرارة المرتفعة في تونس و هو ما جعل الانبعاثات الكربونية فيها مرتفعة ايضا و هذا ما جعل الجهات المسؤولة تبحث عن حلول لهذا المناخ المتطرف حسب تعبيره و من ضمن هذه الحلول هو مشروع “نحو مدينة مستدامة من خلال كفاءة الطاقة بالقيروان”
برنامج تكوين يعزز الإعلام البيئي
في سياق موازٍ، احتضنت القيروان دورة تكوينية موجهة للصحفيين تحت إشراف وزارة البيئة وPNUD، بعنوان «الإعلام من أجل مدينة مستدامة»، استمرت على مدى يومين، وهدفت إلى تمكين الإعلاميين من أدوات التغطية البيئية وتحليل قضايا كفاءة الطاقة.
خلال اليوم الأول، تمّ تقديم عرض شامل حول أزمة المناخ ودور المدن في التحول الطاقي، إلى جانب جلسة تقنية حول «الإنارة من الألف إلى الياء» شملت المفاهيم الأساسية حول اللومنات، والتكنولوجيا الذكية، والتكلفة الاقتصادية ومردودية الاستثمار في الطاقة.
كما تم تنظيم زيارة ميدانية لموقع تجربة الإنارة النموذجية بالقيروان، حيث اطلع المشاركون على تفاصيل عملية لاستبدال المصابيح التقليدية بمصابيح LED.
أما اليوم الثاني، فخصص لتطبيقات عملية في العمل الصحفي البيئي، تناولت كيفية تبسيط الأرقام المتعلقة بالطاقة والانبعاثات وجعلها أكثر قربًا من المواطن، إضافة إلى محاكاة مقابلات مع مسؤولين وخبراء.
واختُتمت الدورة بعرض التقارير المعدّة من قبل المشاركين، مع دعوة لتكوين شبكة إعلامية محلية تُعنى بقضايا الطاقة المستدامة في الجهة.
نتائج وأفق مستدامة
بميزانية تقدر بـ 1.3 مليون دولار أمريكي وتمويل يمتد من 2024 إلى 2027، يُنتظر أن يسهم المشروع في:
تحسين أداء البلدية في إدارة الطاقة.
خفض كلفة الإنارة العمومية بشكل كبير.
تعزيز الإطار التشريعي المحلي لاعتماد حلول خضراء دائمة.
إرساء ثقافة مواطنية جديدة تقوم على ترشيد الاستهلاك الطاقي.
و في هذا السياق صرح حمادي عبدالله الكاتب العام لبلدية القيروان ” أنه سيُستمر العمل بهذا التوجه من خلال تنفيذ برامج لتطوير عدد من أحياء المدينة، عبر تجديد شبكة الإنارة العامة بتكلفة تتجاوز 3 ملايين دينار، باستخدام مصابيح LED لما تتميز به من كفاءة طاقية عالية، حيث تقل تكلفتها عن الإنارة التقليدية بنسبة 40٪. وشدد على مواصلة هذا التوجه لتعزيز المنظومة الاقتصادية للبلديات والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، ضمن إطار الحفاظ على جودة حياة المواطنين.
صورة لحمادي عبدالله في الدورة
القيروان… نحو نموذج وطني في المدن الخضراء
يؤكد هذا المشروع أن القيروان، التي كانت عبر التاريخ مركز إشعاع حضاري، تواصل اليوم إشعاعها في مجال التنمية المستدامة.
فمن خلال دمج التكنولوجيا الحديثة بالوعي البيئي، تسعى المدينة إلى أن تكون نموذجًا يحتذى به لبقية البلديات التونسية في سعيها نحو مدن نظيفة، ذكية، وأكثر استدامة.
يُعدّ مشروع «نحو مدينة مستدامة من خلال كفاءة الطاقة في القيروان» خطوة رائدة نحو تعزيز الانتقال الطاقي المحلي ودعم أهداف التنمية المستدامة. ويؤكد هذا المشروع التزام القيروان بتبني نموذج حضري حديث يقوم على ترشيد الطاقة، وحماية البيئة، وتحسين جودة الحياة، بما يجعلها نموذجًا وطنيًا في مجال المدن المستدامة.
تحرير : نهى الهداجي